الخميس، 14 مارس 2013

المصباحان : الأب والأم


قال تعالى : "  وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا " الإسراء (23-25) , فضل الأب والأم يتلخص فى هذه الآية الكريمة , عندما جاءت طاعتهم بعد طاعة الله عزوجل ليظهر لنا الله واجبنا تجاه الأب والأم . 

(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ الْعَسْقَلانِيُّ ، عن  شَاذَانُ ، عن  شُعْبَةُ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَيْزَارٍ ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ   عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال " سألت الرسول صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله تعالى ؟ قال : الصلاة على أوقاتها , قلت : ثم أي ؟ قال : برّ الوالدين , قلت ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله " حيث أن فضل الوالدين يتلخص فى مجيئ برهما بين فريضة الصلاة التي لا يصح للمسلم الإسلام إلا بها وفريضة الجهاد والدفاع عن الوطن والأعراض . 

الوالدان هما المصباح الذي ينير لنا الطريق والبوصلة التي تهدي لنا أيامنا , فالأم والأب كثيراً ما يعملان جاهدين لخدمة أبنائهم وهما الوحيدان اللذان يريدون أن يكون الأبناء أفضل منه ويعملان على ذلك , وكثيراً ما يسهرون على راحة الأبناء . 

إذا كان الشكر غير واجب لكل الناس فالشكر للأب والأم فريضة يجب أن تستمر مدى الحياة ولما قاما به ويقومان به , فهم يقدمان حتى حياتهم خدمة لأبنائهم .. فشكراً جزيلاً لهم . 

العادلان : ابن الخطاب وابن عبدالعزيز

عمر بن الخطاب : عندما نتحدث عن العدل يجب أن يأتي عمر بن الخطاب في المقدمة, عمر بن الخطاب الذي غرس شجرة فى الدولة الإسلامية ثم غابت بعد مماته مدة 40 سنة حتى تحقق رؤيته بأن هناك شخصاً من نسل عمر بن الخطاب ومن بني أمية وهو عمر بن عبدالعزيز الذي سنتحدث عليه سلفاً , أما الحديث عمر بن الخطاب فإنه يطول وتحضرني في هذا المقام قصة مؤداها رضي الله عنه : مرّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الناس متستراً ليتعرف أخبار رعيته فرأى عجوزاً فسلم عليها وقال لها ما فعل عمر ؟ قالت : لا جزاه الله خيراً . قال : ولم ؟ , قالت : لأنه _ والله _ ما نالني من عطائه منذ أن ولي أمير للمؤمنين دينار ولا درهم فقال لها : وما يدري عمر بحالك وأنت فى هذا الموضع ؟ قالت : سبحان الله! والله ما ظننت أن أحداً يلي عمل الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها . فبكى عمر ثم قال : وا عمراه ! كل أحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر . ثم قال لها : يا أمة الله , بكم تبيعني ظلامتك من عمر ؟ فإني أرحمه من النار قالت : لا تهزأ بنا يرحمك الله . 

فقال لها : لست بهزاء ... ولم يزل بها حتى اشترى ظلامتها بخمسة وعشرين ديناراً , وبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما فقالا: السلام عليك يا أمير المؤمنين . فوضعت العجوز يدها على رأسها وقالت : واسوأتاه أشتمت أمير المؤمنين فى وجهه! فقال عمر : لا بأس عليك رحمك الله , ثم طلب رقعة يكتب فيها فلم يجد , فقطع قطعة من ثوبه وكتب فيها 

" بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي إلى يوم كذا و كذا بخمسة وعشرين ديناراً , فما تدعى عند وقوفه في المحشر بين يدي الله تعالى فعمر منه برئ " وشهد على ذلك علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود رضي الله عنه ورفع عمر الكتاب إلى ولده وقال ( إذا أنا مت فاجعله في كفني , ألقى به ربي ) " هذا هو ابن الخطاب العادل الأمين . 

عمر بن عبدالعزيز : حفيد ابن الخطاب وأموي العائلة كان ثرياً جداً حتى أنه عندما ذهب ليكون والياً في المدينة ذهبت أمتعته على 30 بعير أما عن ثيابه الحرير الذي كان يلبسها وعطره التي كان يفوح فى المدينة معلناً أن عمر بن عبدالعزيز مرّ من هذا الشارع فهو يدل على رفاهية عمر الزائدة إلا أنه تخلى عن كل ذلك بل وأجبر زوجته على التخلي عن مجوهراتها ووزع الأرض التي كتبها له ابوه قبل أن يموت  , ومن هذه القصة تعرف عدل ابن عبدالعزيز : أنه كان جالساً يتحدث مع احد أصحابه عن أمور الناس وكان مصباح البيت الممول من بيت مال المسلمين مضاء , فعندما جاءوا ليتحدثوا عن الشئون الخاصة قرر عمر أن يغلق المصباح ويوقد شمعة من ماله الخاص .. قال له صاحبه : أيقظ هذا العامل لكي يضئ الشمعة ,  رد عمر : لا إنه تعب طوال النهار , وقال عمر مقولته الشهيرة " قمت وأنا عمر وعدت وأنا عمر ولم ينقص مني شئ " . 

شكراً لهؤلاء النماذج اللذان يوقدان لنا طريق الأمل فى أن يعود العدل فى نفوس المسلمين الذين يسعون إلى العدل بعد سنين من الظلم والهوان , شكراً لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب , وشكراً لأمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز . 

أخلاق الناس بين الجحود والشكر

قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) " لا يشكر الله من لا يشكر الناس " (وهو حديث صحيح صححه الألباني.) فخرج من هذا الحديث مقولة " من لايشكر الناس لا يشكر الله " هذا يتفق مع اللفظ الثاني للحديث .. روى أحمد من حديث الأشعث بن قيس مرفوعاً من حديث أبي هريرة " إن أشكر الناس لله تعالى أشكرهم للناس" 

من منا لا يسعى لحب الناس ؟ .. جميعنا يريد أن يكون محبوباً بين الناس , فإن أقصر الطرق وأضمنها هي شكر الناس على ما يقوموا به .. اشكرهم على الحسنة أو الخدمة الطيبة التي ودوا أن يفعلوها فحالت الظروف بينهم وبينك وشاء الله أن لا تتم .. اشكر الناس على كل معروف عظم شأنه أو قل .. اشكر راعي السوبر ماركت على خدمتك .. كن شكوراً فى كل عصر ومصر . 

حتى ولو كنت برجماتياً تبحث عن مصلحتك فقط , يجب أن تتخذ من الشكر طريقاً .. فعن طريق شكر الناس والخلق الكريم فلو أنك تشكر الناس بإستمرار على السراء وعلى ما يقومون به من أجلك فالنتيجة الوحيدة أنك ستكون من عباد الله الشاكرين لفضله ونعمته علينا فى كل من حولنا من نعم كثيرة . 

يجب أن تشكر الناس وتكون شكوراً, كثير الشكر والثناء على نعم الله عزوجل ثم على فضل الناس وخدمتهم لك . 

القيم في مجتمعنا حقيقة أم سراب !

في مجتمعنا العربي فقدت الأمة الكثير من القيم الأخلاقية والدينية التي كان يتميز بها مجتمعنا العربي منذ أن نزلت الديانات السماوية , وحتى قبل ذلك فالعرب مشهورون بالرجولة والمروءة والشجاعة والكرم فمنذ أن اضمحلت هذه الصفات اضمحل المجتمع العربي ففي هذه التدوينة أتقدم بالشكر والتقدير لمسابقة "أنا اسنافي" التي تعمل على بث هذه القيم من جديد فى نفوس المجتمع . 

فكما أكد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك" أخرجه مسلم و البخاري بنحوه وغيرهما , عن جمع من الصحابة بألفاظ متقاربة , وهو مخرج فى " الصحيحة" انظر " صحيح الجامع " (7164 - 7173) , فإني أؤكد أن العالم العربي به قاعدة أخلاقية كبيرة مستمدة من المبادئ الدينية والعادات والتقاليد العربية الأصيلة .. فمازال هنا شباب يحترم الشيوخ , ومازال هناك أغنياء يراعون الفقراء , ومازال هناك أناس مستعدون للتضحية من أجل الدين والمال والعرض والوطن ومازال المواطن العربي به الكثير من التدين الحقيقي الذي بدوره يصلح الأخلاق ويهذب النفس .. فهيا بنا نبني على هذه القاعدة وننهض بالأخلاق . 

لا أريد أن أظهر أن الوضع حالياً فى أمتنا وردي , لأن أجراس التحذير بدأت تدق لتحذرنا من سقوط المجتمع أخلاقياً ووصلنا إلى أن البعض تخلى عن القيم السامية للمجتمع فإن خضت في الأسباب فأنا أحتاج إلى تدوينات كثيرة وكبيرة لأشرح فيها التأثير الإقتصادي والإجتماعي على القيم والأخلاق إضافة إلى أن البعض يفهم الإنفتاح بصورة خاطئة , فيأخذ أسوء ماعندهم ويترك التقدم العلمي والثقافي هناك . 

فبعد هذا كله فإنني أريد أن أشكر أنا أسنافي الكلمة التي تعني بالعربية معاني (الشهامة_ والرجولة) وغيرها من المعاني السامية عى المحاولة الطيبة المباركة فى أن نتكاتف لكي نستعيد قيمنا الدينية والإجتماعية العربية , فأنا سعيد جداً للمشاركة فى هذه المسابقة والمشاركة فى هذا العمل الجلل لنشر قيمة الشكر بين الناس .

فى النهاية يجب أن نقتدي بسيدنا نوح _عليه السلام _والذي قال فيه ربه " ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا " الإسراء (3) ونكون شاكرين للناس جميعاً فإنني أبدأ من هنا مجموعة تدوينات تحض على الشكر كقيمة منسية فى المجتمع . 

قيمة الشكر

إن قيمة الشكر في حد ذاتها هي الفكرة الرئيسة التي أريد أن نبثها عبر هذه التدوينات أملاً منا فى مساعدة " أنا أسنافي " فى مسيرتها المكللة بالنجاح فى بث مجموعة من القيم عند إستعراض عدة أوجه أملاً منا فى شكر هذه الفئات التي وجب علينا شكرها (العادلان _ الوالدان _ المبدعين ) وغيرها مما استعرضناه في التدوينات . 

الشكر : يعتبر أسمى أنواع التقدير الذي تظهره للآخرين عندما يكونوا في محل هذا الشكر , بل هي وسيلة سامية تظهر مشاعرك الطيبة تجاه الآخرين , وهي الكلمة البسيطة التي لا تحتاج إلى التكلفة والتي تظهر تواضعك , فكلمة شكراً خفيفة جداً على لسان المتواضع وثقيلة جداً على من في قلبه ذرة كبر . 

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ وَإِسْمَعِيلُ قَالَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَنَّامٍ الْبَيَاضِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ وَمَنْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يُمْسِي فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ ".


 
ما أجمل أن تشكر الله عزوجل وتؤدي شكر ليلتك من خلال هذا الدعاء التى أمرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم فى سنته الشريفة . 

قال تعالى " وسيجزي الله الشكرين " آل عمران ( 144) ,  الله تعالى لا يضيع أي عمل صالح لأي إنسان إلا أن الشكر يجلب لك حب الناس جميعاً ويظهرك بمظهر التواضع والإحسان إلى الناس ثم إن التواضع يدفعك إلى المراتب العالية فى الدنيا والآخرة . 

كن عبداً شكوراً للعباد ليكون هذا تدريباً لتكون عبداً شكوراً لرب العباد دائماً وأبداً , صل إلى القلوب عبر بوابة الشكر .. اغرس في نفس من حولك قيمة الشكر , كن بالفعل شكوراً كثير الشكر .. أشكر كل شخص يقوم لك بمعروف .. ساعد " أنا أسنافي" فى نشر قيمة الشكر .. شكراً أنا سنافي .

من علمني حرفاً وجب علي شكره

لا شك أن تعليم العلم وشرحه هي أعظم خدمة للمجتمع والأجيال ولا شك أن منزلة المعلم يجب أن تكون كبيرة جداً فالمعلم هو المشكاة التي تضيء لنا طريق العلم والأدب فشكرا لكل من علمني حرفاً .

الرسول صلى الله عليه وسلم هو المعلم الراشد والأول للمسلمين الذي علمنا العلم والقرآن وأمور الدين عبر أحاديثه النبوية الشريفة وهو الذي علمنا كيف نزن أمور حياتنا وهو الذي يُرجع إلى سيرته لكي نتعلم منه الدنيا والدين . 

قال الشاعر : 


أقدم أستاذي على نفس والدي 
نالني من والدي الفضل والشكر 
فذاك مربي الروح والروح جوهر 
وهذا مربي الجسم والجسم كالصدف 

حيث قال الشاعر أن فضل المعلم مقدم على نفسك , وأن فضله يوازي فضل الأب الذي يعمل جاهداً من أجلك , فالأب مربي الجسد والأستاذ مربي الروح ومرشدها إلى سبيل الحق . 

فالمعلم هو المصدر الذي يدخلك إلى عالم التقدم والعلم , فالذي لا يدخل هذا العالم بالطبع خاسر الذي لا يتعلم يكون عبئاً على بلده ودينه .. المعلم هو المصباح الذي ينير الطريق فهو نواة التقدم والرخاء والتنمية فى كل البلاد وفي جميع الأنحاء . 

ما من مرتبة وصلت لها وما من درجة علمية رفعتك ورفعة قدرك عالياً إلا وراءها مدرس جيد وعنده استعداد على إفادتك بما عنده من علم فشكراً له فى يومه وفي غير يومه شكراً له في كل عصر ومصر , فشكراً له فى كل حال شكراً على أي حال شكراً لمن أفادني وبقدر كل حرف علمه لي . 

الشكر لكم واجب

في رحلة الحياة أناسٌ ليسوا منتهزين , أناسٌ يعشقون خدمة الناس ليس طمعاً فى مقابل ولكن حباً فى فعل الخير . 

فى الدائرة الصغيرة فى حياتنا : وهي أهلنا هم أكثر الناس حباً لتقديم الخدمة لك وتقديم مايجعلنا سعداء وهم أكثر الناس حباً لمساعدتنا وهم أكثر الناس أيضاً حرصاً على نجاحنا وخرجنا بالمظهر الذي يليق بنا .. أما في الدائرة الأكثر اتساعاً يأتي الأقارب من الدرجة الثانية فنظراً لصلة القرابة فإنهم يكونوا على استعداد لتقديم النصح والعون لنا وأن يساعدونا إن أردنا وبالأخص إذا كانت لدينا علاقات طيبة بهم . 

أما عن الأصدقاء : فأفضل قصة صداقة هي قصة صداقة المصطفى بالصديق التي لم يقل الله فى كتابه العزيز لفظ صاحب لسيدنا محمد إلا على الصديق أبو بكر فقد قال الله فى كتابه العزيز " إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَاللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " التوبة (40) 

فقد كان أبوبكررضي الله عنه ملازماً للنبي صلى الله عليه وسلم فى الغار فى محنته , فالصديق الحقيقي هو من يقف بجانب صديقه فى السراء والضراء ويكون كالأخ كما كان أبوبكر لسينا محمد صلى الله عليه وسلم .

أما عن جموع الناس التي لم تقل فيهم البركة , الذين من الممكن أن لا يكون لك بهم أى صلة فتجد أحدهم يساعدك إذا كنت تائهاً والآخر يساعدك إذا كنت تريد المساعدة والآخر يعطيك معلومات عند الحاجة , فإذا سألت شخصاً من الأشخاص عن أي شئ فى مكان لا تعرفه فإنه سيجيبك . 

هؤلاء جميعاً يستحقون منا كل الاحترام والتقدير والتبجيل فكل من يفعل لك خدمة سواء كان قريباً أو غريباً وجب عليك شكره 

على ضوء المثقفين والمبدعين

فى وسط التردي المؤسف للعرب فى الإبداع والثقافة نعيش نحن على ضوء المبدعين والمثقفين الذين انتشلوا انفسهم من الانحطاط الثقافي في بلادنا . 

فلدينا أربعة حاصلزن على جائزة نوبل أحدهم فى السلام (الرئيس الراحل محمد أنور السادات ) وأحدهم فى الكيمياء (الدكتور أحمد زويل ) وأحدهم فى الأدب (الكاتب: نجيب محفوظ ) وأحدهم فى السلام الدولي (الدكتور : محمد البرادعي ) فلقد تمكن كل منهم حصد هذه الجائزة الصعبة بعد أداء مشرف عربياً ودولياً لكل منهم فى مجاله . 

فلقد قال الله تعالى "  إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ " فاطر\28 .. فقد كنا مبدعين فى علوم الدين فالعرب حفظوا القرآن الكريم وجودوه بكل القراءات , فعندنا من شيوخنا الأعزاء الشيخ عبد الباسط عبدالصمد ومن الشيوخ العصريين الشيخ مشاري راشد , أما فى علم تفسير القرآن والحديث فعندنا الشيخ محمد متولي الشعراوي والشيخ محمد الغزالي , كما لدينا مؤسسات كثيرة فى علوم الدين والدنيا كالأزهر الشريف فى مصر , وفي الفتوى الشرعية دار الإفتاء المصرية وهيئة كبار العلماء فى السعودية كأقدم هيئتين فى هذا الصدد فى العالم العربي فشكراً لكل من تعلم الدين وعلمه , فلو لم يعلم العلماء لنقرض العلم من قديم الزمن 

أما عن الكتابة فحدث ولا حرج فلدينا العديد من كاتبي القصة القصيرة والرواية والكتب الأدبية والسياسية فمثلاً الكاتب الرائع القديم (عباس العقاد) والكاتب المشهور الذي توفى قريباً (أنيس منصور) فى العصر الحديث , أما عن فن الكتابة السياسية الساخرة التي بدأ يدخل عالمنا قريباً فعندنا مبدعين فيه مثلاً الكاتب الرائع الراحل " جلال عامر" والكاتبين الشابين بلال فضل و عمر طاهر .. هؤلاء الذين برعوا فى فن الكتابة الساخرة هذا الفن الذي بدأ  يدخل عالمنا .. شكراً لكم على كتابتكم الرائعة . 

السمع والبصر والفؤاد .. افلا تشكرون !

"وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ" الؤمنون (87) .. هو الله صاحب الحق المطلق فى الشكر كما أنه صاحب الحق الحصري والوحيد فى العبادة فهو الذي خلق لنا أعظم النعم ( السمع , البصر والفؤاد ) 


السمع : عندما تتعمق فى دراسة الأذن بشكل علمي تجد أن الأذن بها جزءاً مقعراً يعمل على أن يجمع الصوت من كل صوب وترى أن هناك جزءاً مسئولاً عن تحويل الأصوات إلى موجات لكى نسمعها .. وهذه هى النعمة التى لا يستطيع كائن من كان أن يجعلها بمثل هذه الدقة كما جعلها الله تعالى , وما الجديد فهو الذي خلق الإنسان بأحسن خلقه 

البصر : هو قدرة الموجات الكهرومغناطيسية للضوء لتفسير صورة الأفق المنظور , فالعملية تحدث عند استقبال مستقبلات الرؤية للمعلومات من العين وتنقلها إلى صورة نراها فيما بعد .. هذا هو التعريف وهذه الطريقة العلمية من صنع الله عزوجل الذي أحسن خلقه . 
الفؤاد :  القلب الذي يقود كل علاقاتك مع ربك وعلاقاتك الحياتية , فهو به النية التي كما نعرف محلها القلب والنية هي المنطقة التي تحدد صحة العبادات ومدى تطابقها مع الشرع أم لا .. وهي التي تجعل العمل صحيحاً إذا كانت العلاقة ليست رياءً, فالقلب أيضاً الذي تحب به الناس وتكره به آخرين هو رمانة الميزان فى جسم الإنسان وأيضاً هو من صنع الله الذي أحسن صنعه . 

فشكراً وتقديراً وامتناناً لله عزوجل الذي خلق الخلق فأحسن خلقهم , والذي خلق لنا كل هذه النعم وغيرها وكثيراً من النعم التي لا يمكن لأحد أن ينكرها غير الجاحد فقط .. فشكراً وحمداً لله تعالى .